{الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)}قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} يريد القيامة، سميت بذلك لان الأمور تحق فيها قاله الطبري. كأنه جعلها من باب ليل نائم.وقيل: سميت حاقة لأنها تكون من غير شك.وقيل: سميت بذلك لأنها أحقت لأقوام الجنة، وأحقت لأقوام النار.وقيل: سميت بذلك لان فيها يصير كل إنسان حقيقا بجزاء عمله.وقال الأزهري: يقال حاققته فحققته أحقه، أي غالبته فغلبته. فالقيامة حاقة لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل، أي كل مخاصم.وفي الصحاح: وحاقه أي خاصمه وادعى كل واحد منهما الحق، فإذا غلبه قيل حقه. ويقال للرجل إذا خاصم في صغار الأشياء: إنه لنزق الحقاق. ويقال: ماله فيه حق ولا حقاق، أي خصومة. والتحاق التخاصم. والاحتقاق: الاختصام. والحاقة والحقة والحق ثلاث لغات بمعنى.وقال الكسائي والمورج: الحاقة يوم الحق. وتقول العرب: لما عرف الحقة مني هرب. والحاقة الأولى رفع بالابتداء، والخبر المبتدأ الثاني وخبره وهو مَا الْحَاقَّةُ لان معناها ما هي. واللفظ استفهام، معناه التعظيم والتفخيم لشأنها، كما تقول: زيد ما زيد! على التعظيم لشأنه. {وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ} استفهام أيضا، أي أي شيء أعلمك ما ذلك اليوم. والنبي صلي الله عليه وسلم كان عالما بالقيامة ولكن بالصفة فقيل تفخيما لشأنها: وما أدراك ما هي، كأنك لست تعلمها إذ لم تعاينها.وقال يحيى بن سلام: بلغني أن كل شيء في القرآن وَما أَدْراكَ فقد أدراه إياه وعلمه. وكل شيء قال: {وما يدريك} فهو مما لم يعلمه.وقال سفيان بن عيينة: كل شيء قال فيه: وَما أَدْراكَ فإنه أخبر به، وكل شيء قال فيه: {وما يدريك} فإنه لم يخبر به.